Saturday, January 12, 2013

فوائد علمية 19

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمْ السَّلامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ

رَبِّ اغْفِرْ لِيَّ وَلِوَالِدَيَّ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِيْ صَغِيْرَا

اللهمَّ ارْزُقْنا الْفِرْدَوْسَ الأعلى مِنْ غَيْرِ عِتَابٍ ولا حِسَابٍ ولا عَذَابْ

سلسلة : فوائد علمية (19)

ولا ينفقون نفقة صغيرة ولا كبيرة ولا يقطعون واديا إلا كتب لهم ليجزيهم الله أحسن ما كانوا يعملون (121)

وقال قتادة في قوله تعالى: { ولا يقطعون واديا إلا كتب لهم } الآية: ما ازداد قوم من أهليهم في سبيل الله بعدا إلا ازدادوا من الله قربا.

تفسير الحافظ ابن كثير _ التوبة 121

فما متاع الحياة الدنيا في الآخرة إلا قليل (38)

وقال عبد العزيز بن أبي حازم عن أبيه: لما حضرت عبد العزيز بن مروان الوفاة قال: ائتوني بكفني الذي أكفن فيه، أنظر إليه. فلما وضع بين يديه نظر إليه فقال: أما لي من كبير ما أخلف من الدنيا إلا هذا؟ ثم ولى ظهره فبكى وهو يقول أف لك من دار. إن كان كثيرك لقليل، وإن كان قليلك لقصير، وإن كنا منك لفي غرور.

تفسير الحافظ ابن كثير _ التوبة 38

فَإِنَّ الْعَامِلَ يَعْمَلُ زَمَانًا مِنْ عُمْرِهِ

روى الإمام أحمد حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ أَخْبَرَنَا حُمَيْدٌ عَنْ أَنَسٍ

أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا عَلَيْكُمْ أَنْ لَا تَعْجَبُوا بِأَحَدٍ حَتَّى تَنْظُرُوا بِمَ يُخْتَمُ لَهُ فَإِنَّ الْعَامِلَ يَعْمَلُ زَمَانًا مِنْ عُمْرِهِ أَوْ بُرْهَةً مِنْ دَهْرِهِ بِعَمَلٍ صَالِحٍ لَوْ مَاتَ عَلَيْهِ دَخَلَ الْجَنَّةَ ثُمَّ يَتَحَوَّلُ فَيَعْمَلُ عَمَلًا سَيِّئًا وَإِنَّ الْعَبْدَ لَيَعْمَلُ الْبُرْهَةَ مِنْ دَهْرِهِ بِعَمَلٍ سَيِّئٍ لَوْ مَاتَ عَلَيْهِ دَخَلَ النَّارَ ثُمَّ يَتَحَوَّلُ فَيَعْمَلُ عَمَلًا صَالِحًا وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِعَبْدٍ خَيْرًا اسْتَعْمَلَهُ قَبْلَ مَوْتِهِ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَكَيْفَ يَسْتَعْمِلُهُ قَالَ :"يُوَفِّقُهُ لِعَمَلٍ صَالِحٍ ثُمَّ يَقْبِضُهُ عَلَيْهِ"

مسند الإمام أحمد 11768

في علم ابن تيمية وسعة اطلاعه - رحمه الله

وذكر السخاوي في ((الجواهر والدرر)) عن القاضي شمس الدين بن الديري يقول: ((سمعتُ الشيخَ علاء الدين البسطامي -ببيت المقدس- يقول وقد سأله: هل رأيت الشيخ تقيَّ الدين ابن تيميَّة، فقال: نعم. قلتُ: كيف كانت صِفَتُه؟ فقال : هل رأيتَ قُبَّةَ الصَّخرة؟ قلت: نعم. قال: كان كقُبَّة الصخرة مُلأ كتبًا لها لسان ينطق!!)) اهـ

الهمة العالية في الأطفال

ومن عجيب النماذج الناجحة في زراعة الهمة العالية في الأطفال ما يقال من أن الشيخ أقشمس الدين الذي تولى تربية السلطان محمد الفاتح العثماني رحمه الله، كان يأخذ بيده، ويمر به على الساحل ويشير إلى أسوار القسطنطينية التي تلوح من بعد شاهقة حصينة، ثم يقول له: أترى إلى هذه المدينة التى تلوح في الأفق إنها القسطنطينية، وقد أخبرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن رجلًا من أمته سيفتحها بجيشه، ويضمها إلى أمة التوحيد، فقال - صلى الله عليه وسلم - فيما رُوي عنه: "لَتَفْتَحُنَّ القسطنطينية، ولَنِعْمَ الأميرُ أميرُها، ولنعم الجيشُ ذلك الجيش" (1)، وما زال يكرر هذه الِإشارة على مسمع الأمر الصبي إلى أن نمت شجرة الهمة فِي نفسه العبقرية، وترعرعت في قلبه، فعقد العزم على أن يجتهد ليكون هو ذلك الفاتح الذي بَشَّر به الصادق المصدوق - صلى الله عليه وسلم-، وقد كان، فقد كان والده السلطان مراد الثاني -منذ صغره- يستصحبه معه بين حين وآخر إلى بعض المعارك، ليعتاد مشاهدة الحرب والطعان، ومناظر الجنود في تحركاتهم واستعداداتهم ونزالهم، وليتعلم قيادة الجيش وفنون القتال عمليًّا، حتى إذا ما ولي السلطنة، وخاض غمار المعارك خاضها عن دراية وخبرة.

ولما جاء اليوم الموعود شرع السلطان محمد "الفاتح" في مفاوضة الإمبراطور قسطنطين ليسلمه القسطنطينية، فلما بلغه رفض الإمبراطور تسليم المدينة، قال رحمه الله:"حسنًا عن قريب سيكون لي في القسطنطينية عرش أو يكون لي فيها قبر".

وحاصر السلطان "محمد الفاتح" -أنعم به من فاتح- القسطنطينية واحدًا وخمسين يومًا، تعددت خلالها المعارك العنيفة، وبعدها سقطت المدينة الحصينة التي استعصت على الفاتحين قبله، على يد بطل شاب، له من العمر ثلاث وعشرون سنة، وحقق هذا الفاتح البطل للمسلمين أملًا غاليًا ظل يراودهم ثمانية قرون، حاولوا تحقيقه مرارًا فلم يفلحوا، وكأنَّ القدر كان قد ادَّخر هذا الشرف لهذا البطل المغوار.

من كتاب علو الهمة لمحمد إسماعيل المقدم حفظه الله (1/393)

وتكون الجبال كالعهن المنفوش


قال تعالى في سورة المعارج : وتكون الجبال كالعهن  
وقال في سورة القارعة : وتكون الجبال كالعهن المنفوش  
فزاد كلمة (المنفوش) في سورة القارعة على ما في المعارج ، فما سبب ذاك؟
والجواب :
1- أنه لما ذكر القارعة في أول السورة، والقارعة من (القَرْعِ) ، وهو الضرب بالعصا ، ناسب ذلك ذكر النفش، لأن من طرائق نفش الصوف أن يُقرعَ بالمقرعة.
كما ناسب ذلك من ناحية أخرى وهي أن الجبال تهشم بالمقراع (وهو من القَرْع) وهو فأس عظيم تُحَطَّم به الحجارة ، فناسب ذلك ذكر النفش أيضاً.
فلفظ القارعة أنسب شيء لهذا التعبير.
كما ناسب ذكر القارعة ذكر (الفراش المبثوث) في قوله : يَوْمَ يكونُ النّاسُ كالفَراشِ المبثوثِ  أيضاً ؛ لأنك إذا قرعت طار الفراش وانتشر. ولم يحسن ذكر (الفراش) وحده كما لم يحسن ذكر (العهن) وحده.
2- إن ما تقدم من ذكر اليوم الآخر في سورة القارعة ، أهول وأشد مما ذكر في سورة المعارج فقد قال في سورة المعارج : )تَعْرُجُ الملائكَةُ والرّوحُ إلَيْهِ في يَومٍ كانَ مِقدارُهُ خمَسينَ ألفَ سَنَةٍ . فاصبِرْ صَبراً جمَيلاً . إنهُمْ يَرونَهُ بَعيداً. وَنَراهُ قَريباً(  وليس متفقاً على تفسير أن المراد بهذا اليوم ، هو اليوم الآخر. وإذا كان المقصود به اليوم الآخر فإنه لم يذكر إلا طول ذلك اليوم ، وأنه تعرج الملائكة والروح فيه. في حين قال في سورة القارعة : )القارعة*مَا القارِعَةُ *وَما أدْراكَ ما القارِعَةُ(  فكرر ذكرها وعَظَّمها وهوَّلها. فناسب هذا التعظيم والتهويل أن يذكر أن الجبال تكون فيه كالعهن المنفوش.
وكونها كالعهن المنفوش أعظم وأهول من أن تكون كالعهن من غير نفش كما هو ظاهر.
3- ذكر في سورة المعارج أن العذاب (واقع) وأنه ليس له دافع )سَألَ سائلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ *للكافِرينَ لَيْسَ لَهُ دافِع(  ووقوع الثقل على الصوف من غير دفع له لا ينفشه بخلاف ما في القارعة ، فإنه ذكر القرع وكرره ، والقرع ينفشه وخاصة إذا تكرر ، فناسب ذلك ذكر النفش فيها أيضاً.
4- التوسع والتفصيل في ذكر القارعة حسَّن ذكرَ الزيادة والتفصيل فيها ، بخلاف الإجمال في سورة المعارج ، فإنه لم يزد على أن يقول :  في يَومٍ كانَ مِقدارُهُ خمَسينَ ألفَ سَنَةٍ  .
5- إن الفواصل في السورتين تقتضي أن يكون كل تعبير في مكانه ، ففي سورة القارعة قال تعالى: يَوْمَ يَكونُ النّاسُ كالفَراشِ المبثوث. وَتَكونُ الجِبالُ كالعِهنِ المنفوشِ . فناسبت كلمة (المنفوش) كلمةَ (المبثوث)
وفي سورة المعارج ، قال : يَوْمَ تكونُ السّماءُ كالمهُلِ* وَتَكونُ الجِبالُ كالعِهنِ  فناسب (العهن) (المهل)
6- ناسب ذكر العهن المنفوش أيضاً قوله في آخر السورة :(نار حامية) لأن النار الحامية هي التي تُذيبُ الجبالَ ، وتجعلها كالعهن المنفوش ، وذلك من شدة الحرارة ، في حين ذكر صفة النار في المعارج بقوله:  كلا إنها لظىننن نَزّاعة للشّوَى  . والشوى هو جلد الإنسان.
والحرارة التي تستدعي نزع جلد الإنسان أقل من التي تذيب الجبال ، وتجعلها كالعهن المنفوش ، فناسب زيادة (المنفوش) في القارعة من كل ناحية. والله أعلم.
7- كما أن ذكر النار الحامية مناسب للقارعة من ناحية أخرى ، ذلك أن (القَرَّاعة) – وهي من لفظ القارعة – هي القداحة التي تُقدح بها النار.
فناسب ذكر القارعة ذكر الصوف المنفوش ، وذكر النار الحامية ، فناسب آخر السورة أولها.
وبهذا نرى أن ذكر القارعة حسَّنَ ذكر (المبثوث) مع الفراش ، وذكر (المنفوش) مع الصوف ، وذكر النار الحامية في آخر السورة.
والله أعلم.

(لمسات بيانية في نصوص من التنزيل) للدكتور فاضل السامرائي حفظه الله ص 198-200

سلسلة فوائد علمية : 1 - 2 - 3 - 4 - 5- 6- 7- 8- 9- 10- 11- 12- 13- 14- 15- 16- 17- 18

وأسأل الله لي ولكم التوفيق شاكرا لكم حُسْن متابعتكم

لتلقي حديث اليوم على بريدك الخاص ابعث رسالة فارغة بعنوان "حديث اليوم" إلى

hadith-alyoum55+subscribe@googlegroups.com

وإلـى اللـقـاء فـي الـحـديـث الـقـادم "إن شـاء الله"

No comments:

Post a Comment